النمل يضحي بنفسه لحماية الآخرين
حُظي النمل، هذه الحشرة الصغيرة باهتمام كبير من لدن ربّ العزّة والجلالة
في القرآن الكريم، وذلك للحكمة البالغة والكامنة في هذه الحشرة، فكانت إحدى
المعاجز العلمية القرآنية الباهرة التي أكدت شمول الاسلام على تفاصيل عن
حياة الكثير من الكائنات الحيّة الى جانب الانسان.
وفي حياة النمل حقائق كثير اكتشفها العلم حديثاً وربما هنالك الكثير الذي لم
يكتشفه حتى الآن من هذه الأمة الواسعة الانتشار بالقرب من حياة الانسان.
وكان القرآن الكريم قد أشار الى تلكم الحقائق ومنها حقيقة التضحية والإيثار
عند هذه الحشرة الصغيرة من أجل استمرار الحياة للآخرين، وهو يدعو
الانسان للتأمّل والتدبّر في خلق الله تعالى.
بعد دراسات طويلة أجريت على عالم النمل تبيّن للعلماء أن التضحية والإيثار
موجود بكثرة في مجتمع النمل، ولكن الغريب أن النمل يضحّي بنفسه ويموت
من أجل حماية الآخرين.
ففي دراسة هي الأولى من نوعها وجد العلماء أن النملة المريضة تذهب بعيداً
عن عش النمل، وتموت وحيدة! وقد فسر العلماء هذا التصرف بأن النملة تقوم
بعمل بطولي حيث تقرر الابتعاد عن النملات خوفاً من انتشار المرض وهلاك
المستعمرة بأكملها.
فلدى النملة ذكاء فطري، فهي بمجرد اشتداد المرض تضحي بنفسها وتسرع
مبتعدة عن رفيقاتها ومن ثم تسهم في نجاة المجتمع من خلال تضحيتها وإيثارها.
لأن بعض أمراض النمل معدية وتنتشر بسرعة مثل أمراض البشر.
وفي السنة الماضية اكتشف الباحثون أن النمل يضحي بنفسه في حالة
الكوارث والفيضانات، فيمد جسراً من أجسامهم لتعبر عليه بقية افراد
المستعمرة، وقد يموت منها المئات تحت أقدام النمل، وعلى الرغم من ذلك
تبقى صامدة مضحية بنفسها من أجل الآخرين.
يؤكد العلماء أن النملة المصابة لا تنتظر حتى يتفاقم المرض ويحملها الآخرون،
إنما تذهب برجليها إلى خارج المستعمرة وتتسلق الشجر لتموت وحيدة! إنها
تضرب لنا نحن البشر أروع الأمثلة في التضحية والإيثار والتعاون والمحبة.
إن العلماء يؤكدون في أبحاثهم هذه على السلوك الاجتماعي لدى الحشرات،
ويشبهونها بالبشر، ويرددون دائماً بأنها المرة الأولى التي يكتشفون فيها هذه الخصائص الاجتماعية لدى الحشرات أو الحيوانات بل حتى الطيور، لذلك نجد
العلماء يعبرون بالحرف الواحد: أن مثل هذا السلوك الاجتماعي تم اكتشافه للمرة
الأولى (وذلك عام 2010)، ولا نعجب إذا علمنا أن القرآن أشار بوضوح كامل
إلى هذه الحقيقة العلمية الجديدة، يقول تعالى: "وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ
وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ
إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ" (الأنعام /38).
هذه الحشرات تقدم لنا بالحقيقة نموذجاً ينبغي احترامه والتعلم منه
والاقتداء به، فالتضحية والتعاون والإيثار ومحبة الآخرين كلها تعاليم جاء
بها الإسلام وأمرنا بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكن للأسف نجد
كثيراً من الناس ابتعدوا عنها، ولكن النمل يمارس هذه العادات الحسنة منذ
ملايين السنين ودون انقطاع.